دليل المسبحة
الحمد لله رب العالمين وبه استعين و اصلي و اسلم على نبينا محمد واله وصحبه أجمعين وبعد فهذا دليل مختصر عبارة عن إرشادات مفيدة عن المسبحة وكيفية استعمالها واختلاف العلماء في حكمها. نسأل الله الصواب في القول والقبول في العمل.
المسبحة: بكسر الميم وسكون السين وفتح الباء {المسْبَحة} أو بحذف
الميم وضم السـين وسكون الباء وفتح الحاء{السـُبْحَة} وهي خرزات منظومة في خيط
يضبط بها عد التسبيحات عقب الصلوات المفروضة.
المسبحة: لقد أدرك المسلمون منذ
القرون المفضلة منزلة الأذكار وفضلها فاجتهدوا في العمل بها فمنهم من يستطيع عد
تلك الأذكار بالأنامل ومنهم من يصعب عليه ذلك لما أودعه الله من الفوارق في خلقه
فاتخذوا الوسائل لتحصيل ذلك الفضل العظيم فكان أول تلك الوسائل عد الأذكار بالنوى(1) أو الحصى او العقد
في الحبال او الخيوط حتى ابتكر نظم المسبحة (2) فاستحسنها المسلمون لانضباط العدد بواسطتها وسهولة حملها ويسر
الحصول عليها.
المسبحة: وسيلة مباركة تعين على
العمل بذكر الله تعالى لاسيما الأذكار المحددة بالعدد التي حث عليها الرسول صلى
الله عليه وسلم واخبر أن العامل بها ينال من الخير والفضائل في الدنيا
والآخرة مالا يناله بغيرها من الأعمال بعد الفرائض كحديث أهل الدثور
وحديث(من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شي
قدير في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مئة حسنة و محيت عنه مئة سيئة
وكانت له حرزا من الشيطان وحفظ يومه ذلك حتى يمسي ولم يأتي احد بأفضل مما جاء به
إلا رجل عمل أكثر منه)متفق عليه وحديث (من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله
وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ولم يأتي أحد يوم القيامة بأفضل
مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه) وحديث: أيعجـز أحدكم أن يكسب كل
يوم ألف حسنة ؟ ( يسبح مئة تسبيحه فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف سيئة) إلى غير
ذلك من الأذكار المقيدة بالعدد والتي يصعب على الكثير من الناس ضبط عدها بالأنامل
بدون الاستعانة بالوسائل الأخرى مثل المسبحة وغيرها من الوسائل المباحة.
المسبحة: الأفضل في عدد خرزات
المسبحة أن تكون{10} أو {25} أو{33} وقد صح التسبيح بجميع هذه الصيغ التسبيح عشرا
والحمد عشرا والتكبير عشرا فيكون المجموع{30}أو التسبيح خمسا وعشرين مرة ومثلها من
الحمد والتكبير والتهليل فيكون المجموع(100) وصفة التهليل هنا الاقتصار على
قول {لا اله إلا الله} وأشهر صيغ التسبيح التسبيح ثلاث وثلاثين مرة والحمد ثلاث
وثلاثين والتكبير ثلاث وثلاثين وتمام المئة قول{لا اله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير}. وهذا أشهر صيغ التسبيح كما تقدم وذلك
لشهرة حديث أهل الدثور عند البخاري وغيره و قد عُملت غالبية السـبح الموجودة في
الأسـواق حاليا على هذه الرواية وأيسر أنواع السبح ذات العدد (25) إذ يسهل بموجبها
العمل بسائر الأذكار التي تقال مئة مرة عقب الصلوات المفروضة أو في أول
النهار وأخره وهي توافق حديث زيد بن ثابت في رؤيا الأنصاري التي اقرها النبي وأمر
بها صلى الله عليه وسلم. وينبغي لمن أراد أن يشـتري مسبحة لغرض الاستعانة بها على
ضبط عدد التسبيح أن يعدها قبل الشراء فقد وجدت أكثر من مرة زيادة أو نقص في بعض
السبح المعدة للبيع.
المسبحة: أختلف الفقهاء في حكم عد
التسبيح بالمسبحة فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. وذلك تبعا لاختلافهم في تخريج
حديث النوى وكذلك الآثار المروية عن بعض الصحابة بهذا الخصوص وممن أجاز
التسبيح بالمسبحة:الحافظ الأسيوطي في الفتاوى الكبرى وعزاه إلى غالبية السلف.
وأشار إلى جواز عد التسبيح بغير الأنامل الإمام ابن القيم في حواشي سنن أبو داود
والحافظ ابن حجر في فتح الباري والشوكاني في نيل الأوطار. وغالبية العلماء
المعاصرين لا يرون بأسًا بعد التسبيح بالمسبحة وخالفهم آخرون - منهم الشيخ
الألباني - قالوا بأن المسبحة بدعة. وكأنهم نظروا إلى عين الوسيلة ولم ينظروا إلى
الغاية منها. وهو خلاف القاعدة المعروفة في علم الأصول:الوسائل لها أحكام المقاصد.
الخلاصة : يكفي حجة لمن أجاز عد
التسبيح بالمسبحة ورود بعض الأذكار في أحاديث صحيحة مقيدة بأعداد معلومة وبصيغ
معينة ومرتب عليها من الأجر والثواب ما يدعو كل مسلم لبذل أقصى الجهد في تحصيله(3) سواء بالمسبحة أو بغيرها
مادام الوسيلة مباحة و أصل العمل مشروع. ولو لم يرد في هذا الباب إلا قوله صلى
الله عليه وسلم " إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله في اليوم مئة مرة
".(4) لكان حجة بالغة لمن اتخذ
وسيلة تعينه على العمل بمثل هذا الحديث العظيم. وليس فيما نعلم أي دليل يمكن به
استثناء المسبحة من بين الوسائل المباحة كمن يتخذ نظارة للاستعانة بها على قراءة
القرآن.ومن سهل عليه عد التسبيح بالأنامل فهو الأصل والأفضل كما في حديث عبد الله
بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال (ولقد رأيت النبي الله صلى الله عليه وسلم
يعقد التسبيح بيمنه) و حديث أم ياسر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه
وسلم امرهن بالتهليل وقال( وسبحن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات). هذا ما
تيسر جمعه في هذا الدليل المختصر عن المسبحة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى
اله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
إبراهيم
بن علي بن مفرح الهلالي
جدة/
المملكة العربية السعودية 17/3/1417هـ
(1)وجاء هذا عن احدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وعن ابو ايوب
الانصاري وابو هريرة رضي الله عنهم جميع.
(2)لم أجد تحديدا لتاريخ ومكان ابتكار نظم المسبحة بالشكل الحالي ولا من
ابتكره.
(3) قال الصنعاني في حواشي العمدة: ثبت عن أبو هريرة رضي الله عنه انه
كان له خيط فيه ألف عقدة يسبح بها قبل أن ينام.
(4) رواه مسلم عن الأغر بن يسار الزمني رضي الله عنه.
المراجع:
1- المعجم الوسيط +
معجم لغة الفقهاء 2- الفتاوى الكبرى للحافظ الأسـيوطي
3- فتح الباري شرح صحيح
البخاري 4 - سنن أبو داود بحواشي ابن
القيــــم
5 - نيل الأوطار شرح منتقى
الأخبار 6 - الوابل الصيب من الكلم
الطيــــب
7- الأذكار النووية بشــرح
ابن علا ن 8 - تخريج الأذكار
للحافظ ابن حجـــر
9 - الموافقات
للإمام الشـــاطبي 10-
الطرق الحكمية للإمام ابن القيــم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق